اطبع المقال

 أرسل مقال

 :تم إنشاؤها في 11 يونيو, 2014

 :فئة 
المكسيك, عالمي

 :تصنيف 

:هذا المقال متوفر في

الإنجليزية, العربية

تعدُّ الولادة كذكر في مناطق كثيرة من العالم ميزة في يومنا هذا، وهي كذلك عادة، ولكن ليس تماماً. لقد ترعرع إريك في حي شعبي من جنوب مكسيكو سيتي في منتصف الثمانينات. وأدرك منذ الطفولة بأن العنف لا يتوقف لا في المدرسة ولا في الشارع؛ فالعصابة تعتني بك، ولكنها تضربك بقوة أيضا. فلا يكفي أن تولد ذكراً: يجب إثبات الرجولة باستمرار، وخاصة باستخدام القوة. فمجرد البقاء على قيد الحياة في الحي يعتمد على ذلك. والانتماء إلى حي خاضع للعصابة يحميك من أحياء العصابات الأخرى، وعلى نفس المنوال، تذكرك العصابة باستخدام العنف للتمكن من الانضمام إلى صفوفها. وبذلك، فالتكيف يعني استعراض قوة البعض مقارنة مع الآخرين.

وتعلم إريك كيف يتعايش مع قوانين الحي وكيف يبتعد عنها في نفس الوقت، فقد كان محظوظا لأن والدته المعلمة كانت تجتهد لغرس قيم المساواة فيه. ومن بين قضايا أخرى، كانت الأعمال المنزلية جزءا من التزامات إريك في المنزل، وهو أمر نادر في هذا السياق. لم تكن والدته ترغب في أن يصبح ابنها أحد مفتولي العضلات الذين لطالما أزعجوها وهي في منتصف الطريق منذ أن تركت القرية للذهاب إلى الكلية. واعتبر إريك فرصة تكوين نفسه هذه وسيلة لتغيير النماذج الاجتماعية، وتمكن بهذه الروح النضالية من الحصول على منحة لدراسة الماجستير في حقوق الإنسان في المملكة المتحدة.

وتنحدر عائلة إريك من ريف المكسيك المعروف بتسلط الذكور. واحدة من كبرى الإهانات التي تعرضت لها والدته من قبل هذا النظام كانت راجعة لنضالها المستمر لتكوين نفسها والحصول على وظيفة لتوفير الاستقلال الاقتصادي بعيدا عن المدار الأسري. حرية مكتسبة مقابل نقد اجتماعي قاسي، وذلك راجع إلى الاعتقاد السائد بأن قدر المرأة متمثل في الاعتماد ماليا على الزوج. وبالنسبة لابنها، تم اختبار فكرة تفوق الرجل بطريقة أخرى؛ ففي القرية، لم تفلح حتى الطبيعة البرية في الهروب من هيمنة الرجل، فعلى سبيل المثال، كان على ابنمكسيكوسيتي خلال مظاهرات الرجولة في مسابقات رعاة البقر والمهور البرية التي يتم تنظيمها في المعارض إعادة ضبط نفسه خلال الزيارات لكيلا يبدو رجلاصغيراً.

لقدأحسستدائمابالانقسامفيهذهالبيئات؛كانمناللازمتقسيمجزءمنالذات. تتطلبمفاوضةالرجولةفيأماكنمختلفةسلوكياتوقيممختلفةللرجولة. ففي أحياء مكسيكو سيتي، يطلبون منك ضرب شخص ما للدفاع عن شرف العصابة، وينتهي بك الأمر في بعض الأحيان في دفعك لإثبات رجولتك ضد أصدقائك. وعندالوصولإلىالقرية،ببضعساعاتعنالمدينة،يتمكذلكقياسالقوةوالشجاعةبطرقأخرى؛إذالمتمتطيثوراً،فأنتلسترجلاًبمافيهالكفاية. ولكنبعدالوصولإلىأوروبا،وفيوسطمجموعةمنالرجالالمثقفين،أيطلبةجامعيينأوشبابمنالتيارالتقدمياليساري،تجدأنهإذالمتضحكعلىالنكتةالمتحيزةضدالمرأة،فسوفتفهمهالبقيةعلىأنهخيانةللمجموعة. وقولإنكرجلنسويأومدافععنحقوقالنساءيعدأمراًخطيراًيتعذرعليهماستيعابهأومسامحته…”

فمن المرجح أن إريك كان أكثر وعيا خلال فترة المراهقة بالتفاوت الرهيب الذي تخلقه فكرة تفوق الرجل، ولكن الصحوة الحقيقية لهذا الواقع جاءت بشكل صارخ مع مقتل شقيقته البالغة 24 عاما على يد خطيبها السابق، وبالتالي، ضرورة مواجهة النظام القضائي المكسيكي الذي تنتشر فيه حالات الإفلات من العقاب وبغض النساء. ومن هذه التجربة والأعمال السابقة في مجال حقوق الإنسان، سعى إريك إلى إدراج المنظور الجنساني في عملية الوصول إلى الحقيقة والعدالة جنبا إلى جنب مع غيره من أقارب ضحايا ظاهرة قتل النساء في المكسيك.

ويعيش إريك حاليا مع شريكة حياته بين المكسيك وأوروبا، حيث يعمل في مجال مكافحة العنف والتعبير عن نماذج بديلة للرجولة بين شباب المجتمعات المستبعدة في برشلونة. ويرى إريك بأنه لا يمكن تحقيق العدالة دون قلب التفاوت الموجود بين الجنسين وأنه من الصعب القضاء عليه دون المشاركة الفعالة للرجال.

وخلافا للعديد من أصدقائه، تمكن إريك من قلب الموازين في حيه. وبعد المشوار الذي قطعه، يرى بأن الرجال يقعون أيضا ضحايا لفكرة تفوق الرجل إلى حد ما، بحيث أنهم في نهاية المطاف يلعبون أدوارا تحرمهم من حساسيتهم ويتحولون إلى وقود للعنف والإقصاء. لم يتمكن بعض من أصدقائه من الطفولة من رواية ذلك، والبعض الآخر فقط وهم وراء القضبان. وأكد بتواضع أنه لربما كان محظوظا وحضي بفرص عديدة. ومن المؤكد أن ذلك راجع لوالدته التي قامت بتكوينه باتباع مثالها. وبعد نصف ابتسامة، أخذ في التفكير: أيرجلسأكوناليوملولانضالوالدتيمنأجلحقوقهاكامرأة؟

صورة اختارها إريك: “ماريمبا وتورو” للرسام الكوستاريكي خوسي جاكسون غواداموث.

Original_Erick_Mexico