اطبع المقال

 أرسل مقال

 :تم إنشاؤها في 20 سبتمبر, 2014

 :فئة 
الاردن, عالمي

 :تصنيف 

:هذا المقال متوفر في

الإنجليزية, العربية

 اسمي ايناس مسلّم.. انا ناشطة اردنية.. النشاط الاجتماعي والسياسي هم اهم انشطتي ومحور كتاباتي التي استخدمها في التعبير عن ارائي .. بالاضافة الي الاعتصامات فمدونتي تعد بمثابة نافذة لنشر المواثيق العالمية لحقوق الانسان التي يمكن ان نموت سعيا للحصول عليها في بلدي. العالم كله يعتقد ان الاردن واحدة من الدول العربية المتقدمة التي ينعم فيها الشعب بالحرية والديموقراطية ولكن الحقيقة انهم لن يترددوا في احراقنا احياء او الزج بنا في السجون لو حتي ذكرنا فقط مصطلح الفساد

المساواة

عند َ التَحدثِ عن المساواةِ بينَ المرأة والرجل، لا أظنني الأقدر أو الأجدر على الحديث، فأنا على يقين تام بأن هناك من عانينَ أضعاف ما عانيت، ولكن بالوقت ذاته أؤمن أننا كنساء لسنا بحاجة المطالبة بالمساواةِ بالرجال، بقدر حاجتنا لنَيل حقوقنا مقابل عطائنا المضاعَف مئات المرات بالنسبة لعطاء الرجل في المجتمع، ولكن وكوننا الطرف الأقدر على التأقلم نكتفي بالمطالبة بالمساواة بهم وإن لم تنصفنا تلك المساواة.

أما عن قصتي، فهي تبدأ من انطلاقي كناشطة سياسية في بلدٍ عربي، وفي مجتمع مهما اعتبرناه منفتح تسيطر عليه آخر الليل الرجعية والقبلية، نشاطي السياسي بدأ من إطار جامعتي ثم توسّع من القوانين التعليمية إلى الدستور والنظام المتحكم به، وكان ذلك في دولة يحكمها النظام الملكي ويرعاها النظام العشائري، ألا وهي الأردن.

قصتي مع انعدام العدالة بين الرجل والمرأة لم تبدأ حين انتقدت أحد الأمراء الهاشميين، وكان الرد المقابل تعرضي للطعن والتهديد بالذبح، إنما بدأت حين قام جهاز الأمن نفسه بالتعاون مع المعتدي، وإتمام هجومه الجسدي بهجومٍ معنوي، أثناء التحقيق في قضية الطعن تم عمدا إغفال  العديد من الحقائق التي من شأنها كشف هوية المعتدي، وبالإضافة إلى ذلك تم تضليل الرأي العام، بإصدار بيان يذخر بالكذب والباطل، حيث تم ترويجي كشخصية مُنحلة لا ترافق إلا منعدمي الأخلاق ومتعاطي المخدرات، بالطبع تم دحض تلك الادعاءات لاحقا من قبل المدعي العام لعدم وجود إثباتات عليها أو صلة مباشرة بينها وبين القضية، ولكن ما نفع النفي القانوني بعد نشر البيان في كافة الصحف الرسمية والمواقع الإخبارية!

لا يُقدّر حجم الضرر المتسبب من اتهامات أخلاقية لفتاة عربية إلا المقيم في دولةٍ عربيّة، الإيذاء النفسي لا يفوقه إلا الإيذاء المجتمعي، حيث اتهامات ٍ كهذه كفيلة بإعدام الحياة الاجتماعية لأي فتاة، وبذلك لا أعني فرص الزواج التي لم تعد بذات الأولوية كما كانت في السابق، ولكن أخذت محلها أولويات الدراسة والعمل، وكان أول ما واجهت النبذ من قبل الأصدقاء في الجامعة، لحقه طرد من العمل وعدم التمكن من الحصول على وظيفة، بالإضافة إلى الأضرار التي سببها البيان على الصعيد العائلي.

كفتاة ضعيفة الموقف ولكن تعلم أنها على حق، أنا رفضت التراجع أو التنازل، وقررت المضي قدماً ولو لم أجد أمامي الكثير من الخيارات، إلا أنني بدعم والدتي ووجودها الدائم بجواري، تحديت الواقع وتحملت العواقب وقمتُ برفع قضية رد اعتبار على وزارة الداخلية والأمن العام، وبرغم عدم البت بعد فيها، إلا أن مجرياتها مطمئنة لأن تضمن أن ما جرى لي لن يتكرر تعرض فتاة أخرى له.

مجتمعنا والعديد من المجتمعات الأخرى، تفيض بحالات انتهاك حقوق المرأة، وحالات انعدام العدالة، وللأسف الأنظمة قبل المواطنين تدعم تلك الانتهاكات وتبررها، لا بل وتساهم في رفع معدلاتها، ومن أمثال تلك المساهمات قانون تزويج ضحية الاغتصاب للمعتدي وإغلاق القضية دون أن ينال العقاب اللازم، لا بل يتم مكافأته على جريمته، قوانين أخرى مثل تزويج الأطفال، فأيّ انتهاك للطفولة ذلك حين يتم تزويج ابنة الحادية عشر، وأيّ مساواة يمكن أن تنصف حقها، ناهيك عن ذكر العنف الأسري، وربما يبدأ الأمر بأكثر أشكال الاعتداء البدائية من الانتهاكات الجسدية، ولكن ماذا عن المرأة والمناصب الحكومية، والمرأة ومجالس الشعب والبرلمانات، ماذا قانون الكوتا في الانتخابات البرلمانية، الذي لا من شأنه فقط انتهاك حق المرأة الدستوري بل يوّجه لها إهانة من الطراز الرفيع في اعتبارها غير قادرة على تحقيق الفوز دون دعم النظام لها.

توقعي تلقي طعنة خنجر في صدرك، توقعي حمل جرح وتشوه في جسدك مدى الحياة، توقعي أن تتهمي بما أنتِ بريئة حتى يوم الدين منه، توقعي أن تنتهك حقوقك وكرامتك وسمعتك، وتلغى أي فرصة لكِ في حياة طبيعية، فقط لأنك تجرأتي ورفعتي صوتكِ مطالبة بحقك، وما إياكِ فعله حينه هو التراجع أو الرضوخ لواقع مرير واجبنا تغييره، لكِ حق إياكِ والتنازل عنه حتى نيله.

إيناس مسلم