اسمي كارين، ولدت في هولندا عان 1965. كان والداي عاملين، كان هذا ألأمر غير مألوف في تلك الفترة: حيث كانت السيدات العاملات أمهات سيئات. وبصفتي ابنة لأم سيئة كهذه لم يُسمح لي باللعب في بعض المنازل.
عندما بلغت سن الخامسة عشر أدركت أنني أحصل على أجر أقل من الأجر الذي يحصل عليه زميلي عن وظيفة يوم السبت، وتحدثت مع رئيسي عن هذا الأمر وقلت له: “إن الوضع الذي عليه الأمر هو أن الرجال يتقاضون أجرًا أكبر بالفعل”. وحتى والداي لم يبدو الأمر عجيبًا بالنسبة إليهما كي يشعرا بالغيظ والاستفزاز – لقد تركت الأمر عند هذا الحد، ولكن لم أنساه قط.
كان والداي يتابعان إنجازاتي المدرسية دائمًا. “بصفتك امرأة” – مثلما قال والدي – يتعين عليك أن تصبحي وتظلي مستقلة وعليكِ أن تتعلمي مهنة حتى يمكنك الاعتناء بأمر نفسك”.
في السنة الأخيرة لي في الجامعة وأثناء تدريبي المهني المستغرق أربع سنوات في مجال “العمل الاجتماعي” بالمعهد التقني العالي كان الموضوع عن المرأة وتنشئتها الاجتماعية. سألت المدرس عدة مرات، لماذا لم نتعلم شيئًا عن الرجال. رد المدرس قائلاً: “هذا أمر يعرفه الجميع!” (أنا لا، حيث إن لدي أخت فقط.)
بعد ذلك عملت لعدة سنوات في المساعدة في عقوبات الأحداث مع الفتيان المجرمين على وجه العموم. كان الجميع يعلم أن معظم هؤلاء الفتيان قد توقفوا عن التعليم المدرسي، ولكن للأسف لم يعرف أحد السبب.
ذهب زوجي للعمل في الأبحاث الدولية وذهبت معه، وعمل في معاهد بحثية كبيرة من بينها معاهد في آسيا. وهناك قابلت سيدات ثريات (دوليات) يجلسن في المنزل كثيرًا ويشغلن أيامهم بالتسوق ولعب البريدج. والنساء الوحيدات اللاتي كنا يعملن في المعهد كن طالبات غير متزوجات. وعندما جاءت أول باحثة أنثى (من الدنمارك) مع العائلة، كان هذا بمثابة ضجة كبيرة وثار التساؤل ما ذا سيفعل إذن الرجل المسكين طوال اليوم؟
في عام 2003 انتقلنا إلى زاكسن أنهالت. أخذت تدريبًا مهنيًا يسمى “الصخور والمياه” في هولندا. وهناك كان الحديث عن الفتيان ومعاناتهم واحتياجاتهم وسلوكياتهم. وفجأة ظهرت المواقف المألوفة بشكل مختلف. وبدأت أنا العمل بهذا الأمر.
تعرفت على صديقة أصبحت شريكة نقاش جديرة بالاحترام. لقد لفتت انتباهي دائمًا إلى قوة الاختلافات وأعطتني كتبًا وفي المقام الأول اقتراحات حول موضوع الجندر أو الجنس من حيث التذكير والتأنيث .
واليوم لم يعد هذا الموضوع يفارق تفكيري. ففي المنزل لدى الانطباع بأن زوجي وأولادي يسوؤهم أحيانًا تناول هذا الموضوع مرارًا وتكرارًا لأنني أهتم به باستمرار. كما أنني أحاول أن أجعل علمي يدخل في تربية أبنائي من أجل توسيع الوعي والإدراك لدى أولادي وبناتي على حد سواء. وألاحظ أنهم يعملون أذهانهم وأخذوا الكثير. لكنني لن أبوح بأنني أرى هذا: مراقبة، استغراب، استمتاع!
وفي عملي في المدرسة يمكنني دائمًا تنوير ومساعدة الأولاد وآبائهم وزملائهم ومعلميهم.
والآن بعد 20 سنة، ما زالت النساء في بعض المهن يحصلن على أجور أقل من زملائهن الرجال. كلما قمنا بالتنوير والتوعية بدرجة أكبر وبمزيد من التكثيف، كان اختفاء الظلم أسرع. ذات يوم قالت لي مديرة مدرسة عظيمة: “كوني كالقراد في الفرو: قومي بالعض باستمرار حتى لا يتم نسيان أنك ما تزالين موجودة!”